إعلام: ما هي مهن المستقبل التي ستُعيد تشكيل المشهد السمعي البصري؟ مقابلة مع المدير العام للاتحاد الإفريقي للإذاعات، السيد غريغوار نجاكا.
- gaoudairene

- قبل يوم واحد
- 4 دقيقة قراءة

تُعدّ مهن الغد في مجال الإعلام السمعي البصري الإفريقي محور النقاشات في كادينابيا ضمن فعاليات المنتدى المنظم من طرف مؤسسة كونراد أديناور، بالشراكة مع الاتحاد الإفريقي للإذاعات والاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون، وذلك من 5 إلى 8 نوفمبر 2025 في إيطاليا.
وخلال هذا المنتدى، أعلن المدير العام للاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون، السيد غريغوار نجاكا ، نهاية عهد "الصحفي الشامل"، وكشف عن استراتيجية الاتحاد لضمان بقاء الصحافة العمومية واستمرارها في أداء دورها الحيوي في ظل التحول الرقمي.
(مقابلة خاصة)
السيد المدير العام، ما هي أبرز التحديات البنيوية والمالية التي يجب على مؤسسات البث العمومي الإفريقية تجاوزها من أجل إنجاح الانتقال نحو نموذج «المبتكرين الفاعلين»؟
عليّ أن أقرّ بأن المشهد الإعلامي لم يعد في طور التطور، بل يشهد تسونامي حقيقيًا من التحوّل. لقد تلاشت الحدود بين الإذاعة والتلفزيون والرقمية، وأصبحت نماذج العمل التقليدية متقادمة أكثر فأكثر. تمرّ مؤسساتنا بمرحلة انتقال من نموذج بثّ عمودي إلى إنتاج أفقي ومتعدد المنصات. وإلى جانب هذا التلاقي، تبرز الضغوط التكنولوجية الناتجة عن صعود الذكاء الاصطناعي (AI)، والبيانات الضخمة (Big Data)، أي الماكرو-بيانات، وكذلك الأتمتة. إنها تحديات كبرى علينا تجاوزها! ومن واجبنا أن نتجاوز دور "المنتجين السلبيين" لنصبح "مبتكرين فاعلين". وهذا التحول أصبح ملموسًا بالفعل في غرف التحرير الإفريقية.
كيف تخطط الهيئات الإعلامية الإفريقية لتنفيذ إعادة تأهيل الموظفين الذين يشغلون "المهن القديمة" نحو "المهن الاستراتيجية الجديدة"، وما الموارد المالية والشراكات اللازمة لتمويل هذا البرنامج الضخم لرفع الكفاءات؟
علينا أن نفكر في مهن الغد، وفي الكفاءات الجديدة التي تفرضها علينا التطورات التكنولوجية. إن تحول فرقنا يمر عبر إنشاء وتعزيز وظائف استراتيجية جديدة. لقد انتهى عهد الصحفي الشامل الواحد. ينبغي لصحفيينا ومخرجينا التلفزيونيين القدامى أن يتلقوا تكوينًا في صحافة البيانات وتحليل الجمهور، من أجل استخدام المعطيات لخدمة المصلحة العامة بشكل أفضل. كما يجب على رؤساء التحرير أن يتحولوا إلى مهندسي محتوى متعدد المنصات، بما يضمن أقصى قدر من الاتساق في إنتاجاتنا عبر مختلف القنوات. نحن بحاجة أيضًا إلى مختصين في الأمن السيبراني لحماية بناياتنا التحتية وبيانات مؤسساتنا. وفي مواجهة العالم الرقمي، سنحتاج إلى منشّطي مجتمعات/مراجع في التربية الإعلامية والمعلوماتية لتنشيط النقاشات وتكوين الجمهور على التفكير النقدي. وقبل كل شيء، علينا أن ننمّي مواهب جديدة مثل مهندس التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وهو المتخصص الذي سيتولى قيادة الاستخدام الأخلاقي لهذه التكنولوجيا داخل مؤسساتنا، وغيرها.
نظرًا لأن وسائل الإعلام العمومية تُعدّ "آخر حصن" في مواجهة موجة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، ما هي الإجراءات المقررة لضمان وحماية استقلالها التحريري والمالي في مواجهة الضغوط السياسية ومصالح المجموعات الصناعية الكبرى؟
نحن ندرك تمامًا أنه، إلى جانب التكنولوجيا، هناك ضرورة ملحّة لبناء الثقة. ففي مواجهة موجة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، تظل وسائل الإعلام العمومية آخر حصن دفاعي. (يكفي أن نذكر آلاف الأخبار الزائفة التي انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال الفترات الانتخابية أو أثناء الأزمات الصحية، مثل الانتخابات الأخيرة في كوت ديفوار وتنزانيا والكاميرون، وأزمة كوفيد-19، وغيرها). ومن الضروري بالنسبة إلينا أن نضمن التكوين والتدريب المستمر للمهنيين الذين ينبغي أن يكونوا حماة هذه النزاهة والأخلاقيات الصحفية، لا مجرد أبواق لخدمة السياسيين أو المجموعات الصناعية الكبرى. وقد أطلق الاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون عدة مبادرات في هذا الاتجاه، منها دورات التكوين التي نظمها الاتحاد حول التحقق من الأخبار والفيديوهات (Fact-checking) في أعوام 2024 و2023 و2019.
كيف يقيّم الاتحاد الإفريقي للإذاعات أثر الدورات التدريبية، مثل تلك التي أُقيمت في جزيرة موريشيوس حول التربية الإعلامية والمعلوماتية (EMI)، على إدماج المهارات المزدوجة فعليًا في الممارسات اليومية داخل غرف التحرير؟ وما هي الاستراتيجيات المعتمدة لضمان صمود هذه المهارات في مواجهة الأزمات المالية والبيئات الإفريقية المعقدة؟
إن مستقبل الصحافة العمومية في إفريقيا يقوم على قاعدة من المهارات الهجينة. نحن نعمل على تدريب صحفيينا على التفكير النقدي والأخلاقيات المهنية، وعلى تنمية قدرتهم على التحقق من المعلومات (Fact-checking) والالتزام بسردٍ يقوم على القيم المهنية. هذا هو الدور الجوهري للتربية على الإعلام والمعلومات (EMI). وفي هذا الإطار، ينظم الاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون دورات تدريبية منتظمة لفائدة الصحفيين والفنيين في مختلف أنحاء القارة. وآخر هذه المبادرات كان الندوة الاستراتيجية التي نُظمت يومي 30 و31 أكتوبر 2025 في جزيرة موريشيوس حول موضوع التربية الإعلامية والمعلوماتية، بدعم من منظمة اليونسكو.
علينا أن نضمن امتلاك كوادرنا مهارات رقمية متكاملة، تشمل إتقان أدوات الإنتاج للويب، وصحافة الهاتف المحمول، وإدارة المنصات الرقمية، وتحليل التفاعل عبر الإنترنت (وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها). وأخيرًا، تبقى القدرة على التكيف والمرونة عناصر أساسية، خصوصًا للعمل بفاعلية في بيئتنا الإفريقية المعقدة التي تتسم بالأزمات المالية والتحديات التكنولوجية. ومن الضروري أن نعيد ابتكار نماذج التمويل ونستفيد من إمكانات تحقيق الدخل عبر الإنترنت.
من أجل تحقيق النموذج المهني المنشود وضمان دمج التربية الإعلامية والمعلوماتية (EMI) ومهارات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، ما هي المجالات الثلاثة ذات الأولوية التي يسعى الاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون (UAR) حاليًا إلى إيجاد تمويلات وشراكات ملموسة من أجلها؟ وكيف سيتم تطوير منصة AUBVISION بشكل خاص لدعم هذه الأهداف؟
يقوم الاتحاد الإفريقي للإذاعة والتلفزيون، بدعم من شركائه الموثوقين، بتنفيذ جهودٍ منسّقة تهدف إلى بلوغ مستوى عالٍ من الاحترافية في القطاع الإعلامي. بالنسبة إلينا، تُعدّ التعاونيات بين بلدان الجنوب-الجنوب والشمال-الجنوب** أمرًا أساسيًا. ويتجلى ذلك من خلال تبادل أفضل الممارسات في مجالات إعادة هيكلة الموارد البشرية، وبرامج التكوين، والأدوات التكنولوجية. وتُعدّ منصتنا "AUBVISION"، وهي فضاء إفريقي لتبادل المحتوى، تجسيدًا حقيقيًا لهذه الدينامية. كما أن الارتفاع المستمر في عدد الهيئات الراغبة في الانضمام إلى هذه المنصة يُبرهن على الاهتمام المتزايد والطلب العالمي على المعلومة الموثوقة حول إفريقيا.
إن الاستثمار في التكوين المستمر لمهنيينا يمثل أولوية مطلقة. ونحن نعمل بجد على إدماج التربية الإعلامية والمعلوماتية (EMI) في غرف الأخبار الإفريقية — علماً أن مشروعًا رئيسيًا في هذا المجال قيد التنفيذ منذ يوليو 2025. وتتمثل طموحاتنا في تعزيز كفاءات أعضائنا في مجالات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي (IA) وتحليل البيانات (Data).
لذلك، من الضروري أن نعمل معًا على تحديد مصادر التمويل لمشروعات تجريبية، تتيح لوسائل الإعلام العمومية في إفريقيا اختبار ودمج التقنيات المبتكرة بشكل عملي، بما يضمن وصول معلومة موثوقة ومتحقق منها إلى جميع جماهيرنا.
أجرت الحوار: إيرين غاودا
الإعلام: المهن المستقبلية






_edited_edited_edited.png)












































تعليقات